حمامات تلمسان [ تلمسان ]



تتضمن أحياء مدينة تلمسان، العديد من الحمامات الأنيقة تنتشر في دروبها المختلفة، والمعنى اللغوي للفظة الحمام هو الماء الساخن 1، والاغتسال في الحمامات ظاهرة قديمة وصلت إلى سلوك التلمسانيين منذ دخول الإسلام إلى المغرب الأوسط، لأن الإسلام يحث على الاغتسال والطهارة؛ فأصبحت هذه المؤسسة الاجتماعية مرتبطة ارتباطا عضويا بالنظافة وبفريضة الوضوء، وكانت الحمامات في أغلب الأحيان تلحق بالبناءات الدينية والاجتماعية بما في ذلك بيوت الله .
فكان التلمسانيون يترددون باستمرار على الحمامات لتطهير أجسامهم وتنظيفها، ويتوافد عليها سكان القرى والأرياف أثناء زيارتهم للمدينة لقضاء حوائجهم، فيدخلون الحمامات للاغتسال بالماء الساخن في النهار، وللنوم في الليل، لأن الحمامات كانت تشتمل على أماكن للنوم يقصدها الغرباء عن المدينة. وقد تركت لنا بعض المصادر أسماء لبعض الحمامات المشهورة بمدينة تلمسان نذكر منها:
حمام العالية: يقع بالقرب من باب الجديد، ويصفه العبدري خلال زيارته لتلمسان عام 688هـ بقوله: "وبه حمامات نظيفة ومن أحسنها وأنظفها حمام العالية، وهو مشهور وقل أن يرى له نظير" 2.
حمام الصباغين: يقع هذا الحمام في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، ينفتح بابه على درب صغير، وكان العالم الشيخ الصالح أحمد بن الحسن الغماري كثير التردد على هذا الحمام، ويفضله على غيره، حتى أصبح أهل تلمسان يسمون هذا الحمام باسمه 3.
حمام الطبول: ذكر اسم هذا الحمام في وثيقة الأوقاف التي أصدرها أبو حمو موسى الثاني، والخاصة بالمدرسة اليعقوبية، التي أنشأها سنة765هـ/1465م 4. والوثيقة تنص على أن السلطان قد حبس الزاوية المقامة على ضريح والده أبي يعقوب، والطاحونة الملحقة بالزاوية وثلاثين دكانا، في درب الصاغة القديمة والكوشة (الفرن)، التي توجد بدرب منشر الجلد ، وحمام الطبول على المدرسة المذكورة 5.
حمام سيدي بومدين بالعباد، وله سقيفة تتكون من زاوية قائمة وقاعة مستطيلة الشكل، يبلغ طولها ثمانية أمتار وعرضها ستة أمتار، وبه ثلاثة غرف متوازية، مسقفة بسقف أسطواني الشكل 6. ولا يزال هذا الحمام يقوم بوظيفته إلى اليوم.
وكان لكل حي حمامه الخاص به، وتوجد حمامات أخرى في منازل الأغنياء وفي قصور السلاطين والأمراء والوزراء، وغيرهم من رجال الدولة المقيمين بتلمسان والمنصورة أثناء الاحتلال المرين. وللفنادق والمدارس حماماتها أيضا، وقد وصفها العبدري في رحلته بكثرة نظافتها ورونقها 7، بينما يرى حسن الوزان في القرن الخامس عشر الميلادي، بأن المياه في حمامات مدينة تلمسان ناقصة وقليلة، إذا ما قورنت بحمامات مدينة فاس 8.
1 : عطا الله دهينة، الحياة الاقتصادية والاجتماعية لدولة بني زيان، ضمن كتاب: الجزائر في التاريخ، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1984، ص 492.
2 : أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري ، الرحلة المغربية، تحقيق محمد الفاسي، الرباط، 1968، ص. 11
3 : Georges MARCAIS : Collection les villes d’art célèbres: TLEMCEN, Paris : Laurens, 1950,p.52.
4 : Georges et William MARCAIS : Les Monuments Arabes de Tlemcen,
Paris, 1903,p p.401-402.
5 : محمد بن أبي عمران المغيلي المازوني ، الدَرر المكنونة في نوازل مازونة، مخطوط، الرباط: الخزانة العامة، رقم ق. 521، ج 1، ورقة 256.
6 : رشيد بورويبة، "جولة عبر مساجد تلمسان"، مجلة الأصالة، عدد 20، 1975، ص. 181
7 : أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري ، الرحلة المغربية، تحقيق محمد الفاسي، الرباط، 1968، ص11.
8 : الحسن الوزان، وصف إفريقية، ترجمة: محمد حجي ومحمد الأخضر، بيروت: دار الغرب
الإسلامي، 1983، ط 2، ج 1، ص20.