ملابس العرب قبل الإسلام [ الملابس عند العرب ]



على الرغم من المصادر العديدة التاريخية والجغرافية للعرب في العصور الكلاسيكية فإننا نعثر فيها على معلومات متناثرة وضئيلة عن ملابسهم. ويذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أن العرب كانوا يرتدون رداءً يُعرف باسم زيرا Zeira وهو رداء طويل فضفاض يربط عليه من الوسط بحزام. وما ذكره هيرودوت هو بالتأكيد ال إزار، ويكتب أيضاً أزر Azr ومئزر Mi'zar، كما يكتب في النصوص العربية والدارجة في العصور الوسطى إزار Izar. والإزار رداء يُلبس كما تلبس العباءة لتغطية الجسم، أو يلف حول الخاصرة. ويؤكد ذلك ما ذكره المؤرخ سترابو عن العرب الأنباط من أنهم كانوا لا يرتدون المعطف، ويربطون الحزام حول الخاصرة، ويرتدون النعال في أقدامهم. إن طريقة ارتداء الحجاج المسلمين للإزار عند الإحرام توضح لنا جيداً الطريقة القديمة لارتداء الإزار.
إن أقدم دليل للملابس التي كان يرتديها العرب القدماء هي الرسوم الصخرية في شبه الجزيرة العربية خلال القرنين الثاني والأول قبل الميلاد. وهذه الرسوم تبين الرجال في ملابس قليلة نسبياً لا يقتصر لبسها على الرجال وحدهم، كما نرى تنوعاً في أغطية الرأس. وقد جاء ذكر ذلك في كتاب من تأليفE. Anati عن الرسوم الصخرية في وسط الجزيرة العربية ونشر في لوفان سنة 1968م. وقد ظهرت صور بعض السيدات في هذه الفترة المبكرة وقد لُفَّتْ أجسامهن تماماً بالملابس. ونرى في هذه الرسوم أنواعاً من النعال والصنادل يرتديها الرجال والنساء. وهؤلاء العرب الذين عاشوا في نطاق المحيط الثقافي لإحدى الحضارات العظمى قد تأثروا في الواقع بأزياء هذه الحضارات، فالملابس هي مظهر من مظاهر الثقافة وليس فقط الفنون والآداب والعمارة. وهكذا فإننا نرى تماثيل ملوك العرب في الحَضَر في بلاد العراق مصورة في ملابس على الطراز البارثي 1. كما تظهر بعض التماثيل في عباءة بأكمام طويلة، ونرى تماثيل أخرى في بنطلون فارسي وحبل الفستون العسكري. أما العرب الذين عاشوا في المدن المنتشرة في صحراء الشام فقد ارتدوا ملابس على الطراز الهيللينستي الشرقي.
أما البدو فقد احتفظوا بالتقاليدهم الثابتة في طرز الملابس منذ فترة ما قبل الإسلام حتى الوقت الحالي. وعلى امتداد العالم الإسلامي كله كانت الملابس الفضفاضة هي السمة الشائعة جداً في أزياء الرجال والنساء. وذكر ابن خلدون في المقدمة أن الدثار الذي يلف الجسم كان هو الزي المفضل لدى سكان القرى. وما ذكره ابن خلدون يحتاج إلى بعض التوضيح، فمن الثابت أن سكان المدن كانوا يرتدون الدثار أيضاً وكان يزين بالزخارف المنسوجة ويلبس فوق ملابس ضيقة. وكان البدو دائماً يفضلون ارتداء الملابس السوداء. وقد ورد في التلمود البابلي ذكر الملابس السوداء العربية بلونها الأزرق الضارب إلى السواد. وفي الشعر الجاهلي ورد ذكر الملابس من آن لآخر وخاصة الأزياء الخارجية مثل البُرْدَة والإزار والرداء والشملة. ويذكر المؤرخ Tertullian أن النساء العربيات كن يظهرن في الأماكن العامة داخل عباءات تغطي الجسم تماماً بحيث تظهر عين واحدة فقط من عيني المرأة، وهذا التقليد استمر في بعض الأماكن مثل إيران وجنوب الجزائر والمغرب. أما ارتداء النعال لدى العرب فإنه يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ، وكان ارتداء النعال ضروري بسبب طبيعة الأرض القاسية. وظهرت كثير من رسوم الأشخاص في النقوش الصخرية ترتدي أنواعاً متميزة من النعال أو الصنادل تبدو محبوكة حول القدم.
1 : نسبة إلى البرثيون أو الفرثيون، جماعات إيرانية عاشوا في القرن الثالث قبل الميلاد، هزموا الرومان شمال الرافدين، وقد تأثروا كثيراً بالحضارة الهيلينية