تطور الفكر الجغرافي عند العرب والمسلمين حتى نهاية العصر العباسي [ روّاد الآفاق ]



عبد الرحمن صالح مزوري
باحث وأكاديمي من العراق من مواليد 1948
مقيم في برلين
ظهر الإسلام في القرن ١لسابع الميلادي، ولم يكد يمضي على ظهوره قرنان من الزمن، حتى كانت الدولة العربية الإسلامية قد شملت مساحات واسعة من قارتي آسيا وافريقيا وأخذت تدق بشدة على أبواب أوربا، فأصبح من الضروري الوقوف على أحوال البلدان والأمصار التى فتحها المسلمون، ومعرفة الطرق والمسالك التى تربط بين أجزاء هذه الدولة الواسعة، وذلك تسهيلا لتنقلات الجيوش وتحديد تحركالها وإيصال الإمدادات أليها، وتيسيرآ لنقل أموال الخراج والجزية من الأقاليم إلى العاصمة. كما كانت الأحوال السياسة والإدارة والاقتصاد وما إليها من الشؤون المتعلقة لها، تتطلب وصفا دقيقا للأمكنة والبقاع والأقاليم، وما تنتجه أراضيها من المحاصيل والغلات، ناهيك عن معرفة الطرق والمسالك التي تتطلبها فريضة الحح وزيارة الأماكن المقدسة. وهكذا فإنه من نسيج هذه المعلومات والمعارف كلها نشأت الجعرافية العربية والإسلامية.

إن من أهم مأ دفعني إلى البحث في الجغرافية العربية والإسلامية أسباب عدة منها، عدم عروج الباحثين والدارسين العروج الطموح على ذلك الكم الهائل من الأفكار والمعلومات الجعرافية التي وردت في الكتب التي لم تشر إليهأ، وذلك بأعتبارها ليست من المصادر الجعرافية البحتة، كالمعلومات الجعرافية القيمة
التي وردت بين ثنايا النصوص القرآنية، والمعلومات التي نبتت بين أجنحة الشعر العربي وفي ظلاله. كل هذا من جانب، ومن جانب آخر عدم التفات الباحثين والدارسين الالتفات المشبع لما ورد في كتب المغازي والتارخ والأخبار، وما في كتب الأموال والخراج من المعلومات الجغرافية المهمة. هذا، إضافة إلى ضرورة الوقوف المتأني والجاد على دراسة الخرائط والمصورات الجعرافية التي رسمها
وصنعها الجغرافيون المسلمون، حيث خصصت لذلك فصلا كاملا، بالرغم من أنني أجد أن ذلك يحتاج إلى جهد أوسع لا يقل عن أطروحات عدة أو أطروحة مستقلة واسعة، إلا أن تخصيصى بالكتابة في هذا اتحال كان، قبل كل شيء، تنويها لأهمية تلك الخرائط والمصورات وسعيا لفتح نافذة على موضوع شيًق، يجتذب كل دارس علم للحضارة العربية الإسلامية إليه.

وضمن أهم ما هدفت أليه من بحثي هذا، هو أن أشارك الدارسين الجادين للجغرافية العربية الإسلامية لغتآ لنظر أجيالنا الصاعدة في مجال الفكر الجغرافي الغني والثر الذي قدمه لنا الجفرافيون المسلمون، وتحديدآ للمستويات العلمية لآفاقه وتعيين رؤاه، والتي أثرت فيما أثرت في الفكر الجغرافي الأوربي القائم في العصور الوسطى، ثم بيان مساهمة العرب والمسلمين بجدية واضحة في تنمية علم الجغرافيا وتعميق أفكاره وتوسع آفاقه، وذلك من خلال تشجع المسلمين على طلب العلم بصورة عامة، هديا بقوله (ص): اطلبوا العلم ولو في الصين . فغدا الارتحال في طلب العلم منذ القرون الهجرية الأولى، أشبه بالضرورة لتكملة دورة الدراسة في الجوامع والمدارس البعيدة عن حاضرة الدولة، ففي طلب العلم رحل المسلمون من قرطبة وغرناطة إلى دمشق وبغداد، ومن دمشق وبغداد إلى سمرقند وبخارى...، كل هذا أدى إلى اتساع المعلومات الجغرافية وغزارلها، ناهيك عن رغبتنا في أستخراج الجهود العلمية الجغرافية لدى العرب والمسلمين واستبيان حقيقة أدوارها في تطور الفكر الجغرافي العالمي.

ومن الجدير بالذكر أن حركة الفكر الجغرأفي العربي والإسلامي في مسيرتها السوية وأتجاهها الصحيح، كانت بطيئة ومتأنية، بقدر ما كانت مستمرة ومتطورة، إذ صحيح أن بعض أعلام الجغرافيين المسلمين والصفوة المرموقة منهم، قد سجلوا بكل التفوق الإضافات ونقاط التحول الرئيسة، وهم يتحملون مسؤولية توسيع وتعميق المعرفة الجغرافية، لكن الصحيح أيضأ أن الاجتهاد الجغرافي العربي والإسلامي الذي أولى اهتمامه توسيع دائرة المعرفة الجغرافية أفقيا وإشباع نهم الناس، كان أسبق من الاجتهاد الجغرافي الموضوعي الذي أولى اهتمامه تعميق أسس المعرفة الجغرافية عموديا وإشباع منفعة الناس لها.
ومما لا شك فيه أن ثمة نوعا من التقصير من لدن الجغرافيين المعاصرين ممن ينتمون إلى عا لم٠ الثقافة العربية الإسلامية، وذلك في دراسة التراث الجغرافي الضخم الذي خلفه لنا العلماء العرب والمسلمون الأوائل في هذا الميدان، ولعل هذا التقصير يرجع إلى اعتقاد الكثيرين بأن أولئك لم يسهموا مساهمة جادة وحقيقية في تطوير الفكر الجغرافي، بل كانوا وصافين أكثر ما هم مدعين ومبتكرين مما لا يتطلب بذل عناء خاص لدراسة كتاباتهم وآثارهم. ونحن في هذا المجال لا نرغب أن نرتكن إلى ركن يزعم بأن علوم الجغرافما لدى العرب والمسلمين أتت بالعجب العحاب، وأن الطابع العلمي المتقن كان صفتها المميزة الرئيسة، فالحقيقة أنها اشتملت على الكثير من نقاط الضعف والاخطاء والأساطير، لكن الإنجازات التي استطاعت أن تحققها في زمانها، والآثار التي تركتها كانت لهأ قسط كبير من الآثار الواضحة في الفكر الجغرافي الأوربي في العصور الوسطى، كل ذلك قد أكسبها قيمة كبيرة في تاريخ الفكر الجغرافي العالمي، لتكون في النهاية جديرة بالتمحيص والاستقراء والدراسة.

وعلى نقيض مأ واجهته الجغرافيأ العربية والإسلامية من إهمال ومن اهتمام، فقد كان اهتمام المستشرقين لها عظيما، إذ أفرد العلامة كراتشكوفسكي Krachkovski في كتابه (تارخ الأدب الجغرافي العربي) فصلا ضافيا عن اهتمامات المستشرقين لهذا الموضوع، والخدمات التي أسدوها في تحقيق ونشر ودراسة أمهات الكتب الجغرافية العربية والإسلامية، ويأتي في مقدمة أولئك المستشرقين بوستل Postell ورينو Reinaud وفستنفيلد WUstenfeld ودي جويه De Goeje وبارتولد Bartold ... وغيرهم، ولعل أعظمهم خدمة للفكر الجغرافي العربي الإسلامي هو ما أسداه العلامة دي جويه De Goeje الذي تولى تحقيق ونشر أمهات الكتب الجغرافية العربية الإسلامية في سلسلة خالدة أطلق عليها: مكتبة الجغرافيين العرب Bibliotheca Geographorum Arabicorum. ورغم الجهود العظيمة التي بذلها أولئك المستشرقون في التنقيب عن كتب الجغرافيا العربية والإسلامية وتمحيصها ودراستها، إلا أنه لا يزال هذا الميدان يتطلب المزيد من الجهود في دراسة وتحليل النصوص الجغرافية العربية والإسلامية، وذلك نظرا للتراث الجغرافي الضخم والمتنوع، والذي لم نف بألتزاماتنا العلمية الجادة تجاهه بعد.
ومن الجدير بالإشارة أن من المراجع التي سبقتني إلى دراسة الفكر الجغرافي لدى العربب والمسلمبن كتب عدة، حيث نستطيع أن نذكر عددا منها مثل كتاب (الفكر الجغرافي والكشوف الجغرافية) للدكتور يسري الجوهري،الذي تناول فيه الفكر الجغرافي بصورة عامة منذ القدم، وتحديدا منذ أيام اليونان والرومان، مرورا بالعصور الوسطى وعصر النهضة ثم ينتهي بالعصور الحديثة. وفي الغصل الذي خصصه للفكر الجغرافي في العصور الوسطى، عالج المؤلف هذا الفكر لدى العرب المسلمؤن بصهورة مقتضمبة ومختصرة حسب مقتضهى الحال . وقد سار على منواله الدكتور فتحي محمد أبو عيانة في كتابه (دراسات في الكشوف الجغرافية والفكر الجغرافي) حيث خصص الجزء الثاني من دراسته لتناول الفكر الجغرافي وعلم الجغرافيا خلال العصور القديمة لدى المصريين والإغريق والرومان، ثم تناولهما من بعدهم لدى الأوربيين والعرب المسلمين في العصور الوسطى، وعالج أخيرآ الفكر الجغرافي الحديث. وفي الموضوع الذي خصص للجغرافيا عند العرب والمسلمين، فقد درس حياة عدد من الجغرافيين المسلمين وبعض منجزاتهم المهمة في مجال الجغرافيا، ثم درس المعرفة الجغرافية عند المسلمين بشيء من الاختصار والتركيز مما تنأى عن الإيفاء بالحاجة المطلوبة.

ولا تخرج من هذا الإطار العام دراسات الأساتذة الدكتور شريف محمد شريف في كتابه (تطور الفكر الجغرافي)، والدكتور شاكر مصباك في كتابه (تطور الفكر الجغرافي) أيضا، والدكتور صبري فارس الهيتي في كتابه (الفكر الجغرافي نشأته ومناهجه)، حيث يطهر من عناوين هذه المؤلفات جميعها، إما درست تاريخ إلفكر الجغرافي وتطوره منذ أيام البابليين والفراعنة والإغريق والرومان مرورا بالمسلمين حتى الفكر الجغرافي الحديث، وذلك بصورة عامة سريعة ومختصرة، ولم تقف دراسة منها عند الفكر الجغرافي العربي والاسلامي وتطوره على الخصوص، لتدرسه بعمق وصورة جادة ومتأنية.

كما وجدت في مجمل المقالات أو الدراسات المتفرقة المنشورة هنا وهناك عن الفكر الجغرافي الإسلامي، قصورآ واضحا على مستويات عدة، فأغلبها يجانب الغوص والتعمق في الموضوع بسبب من حدود كتابته، أوعدم سعي الباحث أو كاتب المقال إلى التنقيب وبذل الجهد الكافي للوصول إلى ما يتظمأ به طاب العلم. وهكذا سار الباحثون في دراسة الفكر الجغرافي العربي والاسلامي
نحو الاختصار والاقتضاب، فارتأينا بسبيب ذلك دراسةهذا الفكر بصورة مستقلة، وأن نلج حسب الإمكان منطقة من البحث لم يقع الدخول إليها

أكاديميا من قبل..

وإذ أخوض في مثل هذه الدراسة فإنني أجد بأنني أسهم بوجه خاص في الاطلاع على مدى تقدم علم الجغرافية لدى المسلمين في العصور الوسطى، والوقوف عبر أنجازاتهم في انحالات المختلفة لهذا العلم، كإنجازاتم في الجغرافية الطبيعية مثلا بفروعها الفلكية والماخية والحياتية، وأنجازالم في الجغرافية البشرية بفروعها الاقتصادية والتجارية والمواصلات، التي أسهم فيها المسلمون بخدمة ملحوظة، وكان لهم دورهم البارز في ترسيخ وتطوير علم الجغرافية في العصور الوسطى بصورة عامة.

ومن الصعوبات التي واجهتني خلال استقصائي ودراستي للموضوع الذي اخترته لأطروحتي هو شح المصادر والمراجع عن الموضوع باللغة العربية، وكذلك صعوبة الوصول إلى المراجع الأم المتناثرة في الكثير من البلدان العربية، أو البلدان التي تحتفظ بالتراث الإسلامي المخطوط والمكتوب، مما أضطرني إلى القيام برحلة علمية إلى كل من سوريا وأيران بحثا عن مصادر والمراجع اللازمة لتعزيز أركان البحث وتقوية جوانبه. هذا وإن عددا كبيرا من الآثار الجغرافية الإسلامية معروف لدينا من عناوينها فقط ولم يكشف عنها لحد الآن. ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى كتاب (صور الأقاليم) لأبي زيد أحمد من سهل ألبلخي (ت322ش/ 933م)، الذي يمثل أول حلقة في سلسلة المصنفات الجغرافية الإسلامية التي تهتم برسم الخرائط وصناعة المصورات، حيث لم يعثر على أصله لحد الآن، كما لم يعثر على أصل كتاب (المسالك والممالك) لمحمد بن أحمد الجيهاني وزير السامانيين في القرن العاشر الميلادي، والذي كان في مجلدات عديدة حسب رأي باحث نزيه معمق هو العلامة كراتشكوفسكي IKrachkovski في دراسته لتارخ الأدب العربي، وإن تأليفه (أشكال اما لم) المطبوع في أيران عام 1368ش، هو جزء يسير من كتابه المذكور أو كتاب مستقل عنه.
لقد سعيت في دراستي هذه إلى الاهتداء بالمنهج العلمي التحليلي عن طريق رصد أصول فهم الطاهرة الجغرافية عند الجغرافيين المسلمين واستقرائها، والوقوف على كيفية تفيرها وتعليلها من قبلهم، ثم دراستها على وفق الرؤية العلمية المعاصرة، لمعرفة مدى صحة هذا التضير أو عدمه.

ولقد اعتمد بحثي هذا في هيكله العام ومفرداته على عدد من المصادر العربية والإسلامية التراثية الهامة، يأتي في مقدمتها (كتاب الخراج) للقاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم (ت182ش/ 798م)، الذي يحتوي على تناول عدد من الأقاليم الإسلامية كبلاد الشام والجزيرة والعراق ومصر وخراسان والند وإفريقية، وأنتاجها من المحاصيل الزراعية كالتمور والحنطة والشعير، وما يربى فيها من الإبل والأغنام والماشية، وما في أراضيها من معادن النفط والقير والزئبق والمومياء وغيرهأ. و(كتاب النبات) لعبد الملك بن قريب الأصمعي (ت216ش/ 831م)، ويحتوي على نكر أنواع النباتات الطبيعية التي كانت تمو في مبه جزيرة العرب في عصره أي في القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي، مع وصف كامل لأشجارها ونباتالها وأوراقها وزهورها وفصول نموها وجوانب الاستفادة منها. ومن كتب النبات الطبيعي، فقد اعممدت ضمن أهم ما اعتمدت عليه أيضا (كتاب النبات) لأبي حنيفة أحمد من داؤود الديتوري (ت282ش/ 895م)، لكن مما يؤسف لهذا الكتاب القيم أن معظمه قد ضاع، فاعتمدنا على القسم المتبقي منه وهو الجزء الثالث والنصف الأول من الجزء الخامس، الذي نشره الباحث برلهارد لوين B. Lewin في فيسبادن بألمانيا عام 1974م.

كما اعتمدت على كتاب (صورة الأرض) لمحمد بن موسى الخوارزمي (ت232ش/ 847م)، وفيه قسم الأرض إلى سبعة أقاليم عرضية، ثم درسها من ناحية تضاريسها ومدنها وأنهارها وموقعها بالنسبة لخطوط الطول ودوائر العرض، مع دراسة بحار الأرض وجزائرها. وكتاب (أخبار الصين والهند) للتاجر سليمان السيرافي الذي ألفه عام 237ش/ 851م، وهو ثمرة رحلاته التجارية الصبورة في المحيطين الهندي والهادي، وفيه أول وصف للصين قبل وصول الرحالة الإيطالي ماركو بولو 1254) M. Poloا 1324م) إليها بثلاثة قرون. و(كتاب البلدان) لعمرو بن بحر الجاحظ (ت255ت 868م)، وتأتي أهميته في أنه أول المؤلفات الجغرافية الوصفية أو الإقليمية الباقية عند المسلمين، وفيه وصف شامل لبلاد الشام ومصر والعراق والحجاز، بنجودها وأغوارها ومدنها وأمصارها وبحارها وبراريها. وكتاب (أسماء جبال تهامة وسكانها..) لعرام بن الأصبغ السلمي (ت275ف/ 888م)، حيث يتناول فيه التفصيل تضاريس بلاد الحجاز بجبالها ووديانها وسكانها وحيواناتها البرية ونباتاتها الطبيعية. وكتاب (عيون الأخبار) لعبدا لله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت276هم/ 889م)، وفيه خصص فصولا عن الحيوانات الأليفة والبرية والنباتات الطبيعية والمعادن والأحجار الكريمة في العالم الإسلامي حينذاك. وكتاب (فتوح البلدان) لأحمد بن يحيى البلاذري (ت279هم/ 892م)، الذي حدد فيه الكثير من موقع الأقاليم والبلدان التي فتحها المسلمون، مع مواقع بعض حراتها ووديانها وأنهارها وسباعها ونبالها الطبيعي. و(كتاب البلدان) لأحمد بن أبي يعقوب بن واضح اليعقوبي (ت284ش/ 897م)، والذي قسم فيه الأرض على أربعة أقاليم متساوية حسب الاتجاهات الأربعة، وذلك بعد أن جعل العراق في موقع الوسط منه، دارسا كل إقليم من ناحية تضاريسه وأنهاره ومدنه وسكانه ومنتجاته وصناعاته وطرق مواصلاته على حدة. وكتاب (المسالك والممالك) لعبيد الله بن عبد الله المعروف بابن خرداذبه (ت300ش/ 912م)، وفيه يقسم الأرض على أربعة أقسام مرتين،

مرة على أساس قطع ايابس على: أروفى (أوربا) ولوبيا افريقيا) وأثيوبيا وأسقوتيا، وتارة على وفق الاتجاهات الأربعة على منوال معاصره اليعقوبي، ويهمل المؤلف التقسيم الأول ويدرس الأرض بحسب الإتجاهات الأربعة، متخذا من سواد العراق مركزا وسطا للأرض. كما عرجت على كتاب (الأعلاق النفيسة) لأحمد بن عمر بن رسته (ت300هم/ 912م)، وهو مفقود ما عدا الجزء السابع منه الذي اعتمدنا عليه، حيث طبعه دي جويه في ليدن عام 1891م. وفيه تحدث المؤلف عن شكل الأرض وأقاليمها وبحارها وأنهارها وأمصارها ومدنها والطرق التي تربط بين هذه المدن والأمصار. وكتاب (صفة جزيرة العرب) للحسن بن أحمد الهمداني (ت334ش/ 945م)، وفيه صورة كاملة عن تضاريس شبه جزيرة العرب من الجبال والوديان والصحاري والرمال، وما كان يعيش فيها من الحيوانات والسباع، وينبت فيها من الشجر والنبات مع تحديد مواطن قبائلها وطوائفهأ. وكتاب (المسالك والممالك) لإبراهيم بن مد الفارسي الإصطخري (ت346ف/ 957م)، والذي يعتبر نمونجا للجغرافيا الوصفية أو الإقليمية الإسلامية، وفيه درس المؤلف أقاليم ديار إلإسلام كلها، مع
بعض بحار الأرض كبحر فارس والروم والخزر، ورسم خرائطأ أو صورا لهذه الأقاليم والبحار. وكتابي (مروج الذهب ومعادن الجوهر) و(التنبيه والإشراف) لعلي بن الحسين المسعودي (ت346ش/ 957م)، حيث تناول فيهما الأقاليم السبعة للأرض وصفالها وبعض خصائص مناخها، مع دراسة بحار الأرض بشيء من التفصيل. وكتاب (صورة الأرض) لمحمد بن علي بن حوقل النصيبي (ت367ش/ 977م)، وفيه بحث في أقاليم ديار الإسلام وبحاره، ووضع لها من الخرائط والمصورات الدقيقة إلى حد كبير. واعتمدت على كتب البيروني (ابو الريحان محمد بن أحمد ت440ش/ 1048م) الكثيرة والقيمة، ونخص منها بالذكر كتابي (التفهيم لأوائل صناعة التنجيم) و(القاذون المسعودي) ويعتبران من أهم المصادر في الجغرافيا الفلكية الإسلامية في العصور الوسطى. وكتابه (الجماهر لمعرفة الجواهر) حيث عالج فيها المعادن والأحجار الكريمة. وغيرها من المصادر الكثيرة التي لا نحتاج إلى ذكرها جميعا تحسبا من الإطناب والتطويل.