أبو مدين شعيب [ تلمسان ]



هو المتصوف أبو مدين شعيب بن الحسين، المعروف بالغوث، ولد عام 520هـ في فنتيانة وهو حصن صغير في الشمال الشرقي من إشبيلية بالأندلس. انتقل إلى فاس فاراً من إخوته الذين استغلوا وضعه ليجعلوا منه راعياً لمواشيهم، وفي طريقه حل بطنجة ثم سبتة ومراكش، قبل أن ينتهي به المطاف بفاس ليتلقى العلم من شيوخها. قال أبو مدين عن أول أمره بفاس : "سرت إليها ولازمت جامعها، ورغبت من علمني أحكام الوضوء والصلاة، ثم سألت عن مجالس العلماء، فسرت إليها مجلساً بعد مجلس وأنا لا يثبت في قلبي شيء مما أسمعه من المدرسين إلى أن جلست إلى شيخ كلما تكلم بكلام ثبت في قلبي وحفظته." وكان قد لازم أبو مدين ذلك الشيخ، وهو ابن حرزهم، مدة أخذ عنه العلم والحكمة والتبصر.
كما تعلم عن شيوخ آخرين في التصوف، ومنهم أبو عبد الله الدقاق السجلماسي وأبو يعزى يلنور بن ميمون، قبل أن يقرر التوجه إلى الأراضي المقدسة للزيارة والتعرف على كبار رجال التصوف ، التقى بعرفة بالقطب الرباني الشيخ عبد القادر الكيلاني المتوفى عام 561هـ، فقرأ عليه بالمسجد الحرام كثيراً من الحديث، وألبسه الخرقة وأودعه أسراره، فأصبح بذلك أقرب أصحابه، وكان ذلك اللقاء بين عامي 550و555هـ.
وفي طريق العودة دخل سيدي بومدين مدينة بجاية وأقام بها يدرس التصوف وعلوم الدين، فأخذ عنه طائفة كبيرة من الطلبة والعلماء والفقهاء.
ولما اشتهر أمره ببجاية، وشى به بعض الحساد عند يعقوب المنصور الموحدي بمراكش، فبعث إليه للقدوم عليه لينظر في أمر مخاوف الساعين من الحساد من خطورته على الدولة الموحدية.
وفي طريقه إلى مراكش، مرض مرض الموت بنواحي تلمسان، فوافاه الأجل عام 594هـ في العباد، فدفن فيها من طرف أهل تلمسان وبنى له سلاطين المدينة مسجداً وضريحاً.
للشيخ أبي مدين شعيب مؤلفات كثيرة في التصوف، وديوان في الشعر الصوفي وكذلك تصانيف من بينها "أنس الوحيد ونزهة المريد في التوحيد" 1.
1 : أنظر: أبو العباس أحمد الغبريني، عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية، تحقيق عادل نويهض، بيروت: منشورات دار الآفاق الجديدة، 1969.