حصن الصعب بن معاذ في التفاسير [ أطلس القرآن ]




يقول تعالى:

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ الحشر- 2.

لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ الحشر- 14.

(وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) (20)


مقاطع من كتب التفسير:

هميان الزاد ـ إباضي ـ باب 20 ـ جزء 13 : { وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } من الفتوحات الى يوم القيامة قاله مجاهد وغيره { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ } غنيمة خيبر وهي في جنب ما وعد به من الغنائم قليل وفي ذلك اشارة الى كثرة الفتوحات وقال زيد بن اسلم وابنه وابن عباس المغانم الكثيرة خيبر وهذ لعجلة البيعة والتخلص من أمر قريش { وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ } بالصلح وهم أهل خيبر وحلفاؤهم من بني أسد وغطفان وقريش ومن معهم من أهل مكة ومن حولها وقيل : المراد أهل مكة ومن حولها وقال قتادة ( كف أيدي الناس ) عن أهل المدينة في مغيبه صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين بعد ما أرادوا أن يغيروا على عيالهم في المدينة وقيل اليهود فقذف في قلوبهم الرعب { وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } العطف على محذوف هو علة لكف أو لعجل أي لتسلموا ولتكونوا ولتأخذوا ولتكونوا أو بنفعكم بها ولتكون واسم ( تكون ) عائد الى الكفة أو الغنيمة ويجوز التعليق بمحذوف معطوف أو مستأنف أي وفعل ذلك لتكون آية للمؤمنين والمراد بالآية آية تدل على صدقه صلى الله عليه وسلم في اخباره عن الغيوب فيزدادوا يقينا الى يقينهم اذا صدق وعده أو آية يعرفون بها أنهم من الله بمكان وانه ضامن نصرهم ومتوليه وضامن الفتح عليهم وقد صدق صلى الله عليه وسلم في وعدهم خيبرا في حين رجوعه من الحديبية ووعد المغانم والآية الأمارة والعنوان على فتح مكة قبل رؤياه صلى الله عليه وسلم فتح مكة في منامه ورؤياه الانبياء حق ووحي فتأخر ذلك الى السنة القابلة فجعل خيبر عنوانا لفتح مكة { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } التوكل والثقة بالله وبصيرة أي يزيدكم ذلك وقيل يهديكم الى دين الاسلام ويثبتكم عليه ويزيدكم يقينا بصلح الحديبية وفتح خيبر
بيان فتح خيبر
على ما ذكره الثعالبي في كتابه المسمى بالأنوار في آيات النبي المختار وغيره أتى خيبرا ليلا وكان اذا أتى قوما لم يقربهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود لخدمتهم بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس أي الجيش فقال صلى الله عليه وسلم أكبر خربت خيبرا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين وعن بعض وعده الله خيبرا وهو في الحديبية ونزل بواد يقال له الرجيع بين خيبر وعساكر غطفان وغيرهم لئلا يمدوا خيبر وقد جاءوا لمدهم وسمعوا حسا فخافوا أهلهم وأموالهم ورجعوا بعد ما ساروا مرحلة فاخذها صلى الله عليه وسلم حصنا حصنا وشكا اليه بعض أصحابه الجوع فقال اللهم قد علمت حالهم وانه لا قوت لهم وليس بيدي ما اعطيهم فافتح عليهم أعظم حصونها غنى واكثرها طعاما وورد فافتح عليهم حصن الصعب بن معاذ أكثر حصونها طعاماً وودكا وشعيرا فافتح عليهم حصن الصعب بن معاذ أكبر حصونها طعاماً وودكا وشعيرا وتمرا وسمنا وعسلا ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم كلوا واعلفوا ولا تحملوا الى بلادكم ووجدوا كثيرا من البز والآنية والغنم والبقر والحمر وآلات الحرب ظن اليهود أن الحصن يكون دهراً فعجل الله خزيهم قيل وجدوا من البز عشرين عكما محزمة من غليظ متاع اليمن وآلفا وخمسمائة قطيفة ما بقي مسلم الا أخذ قطيفة قدم بها الى أهله ووجدوا ما يملأ جلد الجمل أكثره أسورة الذهب ودمالجه وفرضته وخلال الذهب ونظم من جوهر وزمرد وخواتم الذهب ومن الكتيبة وحدها مائة درع وأربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها وحاصروا حصنا يقال له البراز فقاتلوه اشد القتال حتى أصاب النبل ثيابه صلى الله عليه وسلم وعلقت به فاخذه وجمعه وأخذ كفا من حصباء فحصب بها حصنهم فرجف وساخ في الأرض فاخذ أهله اخذا وآخر حصونهم فتحا الوطيخ حاصره بضع عشرة ليلة فخرج منه مرحب اليهودي وهو ملكهم راجزا