معلقة الأعشى مع الموسيقى mp3
معلقة الأعشى mp3 |
وَدّعْ هُرَيْرَةَ إنّ الرَّكْبَ مرْتَحِلُ | وَهَلْ تُطِيقُ وَداعاً أَيُّهَا الرَّجُلُ؟ |
غَرَّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُهَا | تَمشِي الهُوَينَا كَمَا يَمشِي الوَجي الوَحِلُ |
كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا | مَرُّ السَّحَابَةِ، لاَ رَيْثٌ وَلاَ عَجَلُ |
تَسمَعُ للحَلِي وَسْوَاساً إِذَا انصَرَفَتْ | كَمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ |
لَيستْ كَمَنْ يكرَهُ الجِيرَانُ طَلعَتَهَا | وَلاَ تَرَاهَا لسِرِّ الجَارِ تَخْتَتِلُ |
يَكَادُ يَصرَعُهَا، لَوْلاَ تَشَدُّدُهَا | إِذَا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ |
إِذَا تُلاعِبُ قِرْناً سَاعةً فَتَرَتْ | وَارْتَجَّ مِنهَا ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ |
صِفْرُ الوِشَاحِ وَمِلءُ الدّرْعِ بَهكنَةٌ | إِذَا تَأتّى يَكَادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ |
نِعمَ الضَّجِيعُ غَداةَ الدَّجنِ يَصرَعهَا | لِلَّذَّةِ المَرْءِ، لاَ جَافٍ، وَلاَ تَفِلُ |
هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرَافِقُهَا | كَأَنَّ أَخْمَصَهَا بِالشّوْكِ مُنْتَعِلُ |
إِذَا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَةً | وَالزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِنْ أَرْدَانِهَا شَمِلُ |
ما رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبةٌ | خَضرَاءُ جَادَ عَلَيهَا مُسْبِلٌ هَطِلُ |
يُضَاحكُ الشَّمسَ مِنهَا كَوكَبٌ شَرِقٌ | مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ |
يَوْماً بِأَطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَةٍ، | وَلاَ بِأَحسَنَ مِنهَا إِذْ دَنَا الأُصُلُ |
عُلّقْتُهَا عَرَضاً، وَعُلِّقَتْ رَجُلاً | غَيرِي، وَعُلِّقَ أُخرَى غَيرَهَا الرَّجُلُ |
وَعُلِّقَتْهُ فَتَاةٌ مَا يُحَاوِلُهَا | وَمِنْ بَني عَمِّها مَيّتٌ بِهَا وَهِلُ |
وَعُلِّقَتْنِي أُخَيْرَى مَا تُلائِمُنِي | فَاجتَمَعَ الحُبّ حُبّ كُلُّهُ تَبِلُ |
فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بِصَاحِبِهِ | نَاءٍ وَدَانٍ، وَمَخْبُولٌ وَمُخْتَبِلُ |
صَدَّتْ هُرَيْرَةُ عَنَّا مَا تُكَلِّمُنَا | جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبْلَ مَنْ تَصِلُ؟ |
أَأَنْ رَأَتْ رَجُلاً أَعْشَى أَضَرَّ بِهِ | رَيبُ المَنُونِ، وَدَهْرٌ مفْنِدٌ خَبِلُ |
قَالَتْ هُرَيرَةُ لَمَّا جِئتُ زَائِرَهَا | وَيْلِي عَلَيكَ، وَوَيلِي مِنكَ يَا رَجُلُ |
إِمَّا تَرَيْنَا حُفَاةً لاَ نِعَالَ لَنَا | إِنَّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ |
وَقَدْ أُخَالِسُ رَبَّ البَيْتِ غَفْلَتَهُ | وَقَدْ يُحَاذِرُ مِنِّي ثُمّ مَا يَئِلُ |
وَقَدْ أَقُودُ الصِّبا يَوْماً فيَتْبَعُنِي | وَقَدْ يُصَاحِبُنِي ذُو الشّرّةِ الغَزِلُ |
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُنِي | شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ |
فِي فِتيَةٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قَدْ عَلِمُوا | أَنْ هالِكٌ كُلُ مَنْ يَحْفي وَيَنْتَعِلُ |
نَازَعتُهُمْ قُضُبَ الرَّيْحَانِ مُتَّكِئاً | وَقَهْوَةً مُزّةً رَاوُوقُهَا خَضِلُ |
لاَ يَستَفِيقُونَ مِنهَا، وَهيَ رَاهنَةٌ | إِلاَّ بِهَاتِ ! وَإنْ عَلّوا وَإِنْ نَهِلُوا |
يَسعَى بِهَا ذُو زُجَاجَاتٍ لَهُ نُطَفٌ | مُقَلِّصٌ أَسفَلَ السِّرْبَالِ مُعتَمِلُ |
وَمُستَجيبٍ تَخَالُ الصَّنجَ يَسمَعُهُ | إِذَا تُرَجِّعُ فِيهِ القَيْنَةُ الفُضُلُ |
وَالسَّاحِبَاتِ ذُيُولَ الرَيْطِ آوِنَةً | وَالرّافِلاتُ عَلَى أَعْجَازِهَا العِجَلُ |
مِنْ كُلّ ذَلِكَ يَوْمٌ قَدْ لَهَوْتُ بِهِ | وَفِي التَّجَارِبِ طُولُ اللَّهوِ وَالغَزَلُ |
وَبَلدَةٍ مِثلِ التُّرْسِ مُوحِشَةٍ | للجِنّ بِاللّيْلِ فِي حَافَاتِهَا زَجَلُ |
لاَ يَتَمَنّى لَهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا | إِلاَّ الَّذِينَ لَهُمْ فِيمَا أَتَوْا مَهَلُ |
جَاوَزْتُهَا بِطَلِيحٍ جَسْرَةٍ سُرُحٍ | فِي مِرْفَقَيهَا إِذَا استَعرَضْتَها فَتَلُ |
بَلْ هَلْ تَرَى عَارِضاً قَدْ بِتُّ أَرْمُقُهُ | كَأَنَّمَا البَرْقُ فِي حَافَاتِهِ الشُّعَلُ |
لَهُ رِدَافٌ، وَجَوْزٌ مُفْأمٌ عَمِلٌ | مُنَطَّقٌ بِسِجَالِ المَاءِ مُتّصِلُ |
لَمْ يُلْهِنِي اللَّهْوُ عَنْهُ حِينَ أَرْقُبُهُ | وَلاَ اللَّذَاذَةُ مِنْ كَأسٍ وَلاَ الكَسَلُ |
فَقُلتُ للشَّرْبِ فِي دُرْنا وَقَدْ ثَمِلُوا | شِيمُوا، وَكَيفَ يَشِيمُ الشَّارِبُ الثَّمِلُ؟ |
قَالُوا نِمَارٌ، فبَطنُ الخَالِ جَادَهُمَا | فَالعَسْجَدِيَّةُ فَالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ |
فَالسَّفْحُ يَجرِي فَخِنْزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ | حَتَّى تَدَافَعَ مِنْهُ الرَّبْوُ، فَالحُبَلُ |
حَتَّى تَحَمَّلَ مِنْهُ المَاءَ تَكْلِفَةً | رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينةِ السَّهِلُ |
يَسقِي دِيَاراً لَهَا قَدْ أَصْبَحَتْ غَرَضاً | زُوراً تَجَانَفَ عَنهَا القَوْدُ وَالرَّسَلُ |
أَبْلِغْ يَزِيدَ بَنِي شَيْبَانَ مَألُكَةً | أَبَا ثُبَيْتٍ! أَمَا تَنفَكُّ تأتَكِلُ؟ |
ألَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا | وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أَطَّتِ الإبِلُ |
كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليَفْلِقَهَا | فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ |
تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسعُودٍ وَإخْوَتِهِ | عِندَ اللِّقَاءِ فتُرْدِي، ثُمَّ تَعتَزِلُ |
لا أَعْرِفَنَّكَ إِنْ جَدَّتْ عَدَاوَتُنَا | وَالتُمِسَ النَّصرُ مِنكُم عوْضُ تُحتَمَلُ |
تُلزِمُ أرْماحَ ذِي الجَدَّيْنِ سَوْرَتَنا | عِنْدَ اللِّقَاءِ، فتُرْديهِمْ وَتَعْتَزِلُ |
لاَ تَقْعُدَنّ وَقَدْ أَكَّلْتَهَا حَطَباً | تَعُوذُ مِنْ شَرِّهَا يَوْماً وَتَبْتَهِلُ |
سَائِلْ بَنِي أُسَدٍ عَنَّا فَقَدْ عَلِمُوا | أَنْ سَوْفَ يَأتِيكَ مِنْ أَنْبائِنا شَكَلُ |
وَاسْأَلْ قُشَيراً وَعَبْدَ اللهِ كُلَّهُمُ | وَاسْألْ رَبِيعَةَ عَنَّا كَيْفَ نَفْتَعِلُ |
إِنَّا نُقَاتِلُهُمْ ثُمَّتَ نَقْتُلُهُمْ | عِندَ اللِّقَاءِ، وَهُمْ جَارُوا وَهُمْ جَهِلُوا |
قَدْ كَانَ فِي آلِ كَهفٍ إِنْ هُمُ احْتَرَبوا | وَالجَاشِرِيَّةِ ما تَسْعَى وَتَنتَضِلُ |
إِنِّي لَعَمْرُ الَّذِي خَطَّتْ مَنَاسِمُهَا | تَخْدي وَسِيقَ إِلَيْهِ البَاقِرُ الغُيُلُ |
لَئِنْ قَتَلْتُمْ عَمِيداً لَمْ يكُنْ صَدَداً | لَنَقْتُلَنْ مِثْلَهُ مِنْكُمْ فنَمتَثِلُ |
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبّ مَعرَكَةٍ | لَمْ تُلْفِنَا مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ |
لا تَنْتَهُونَ وَلنْ يَنهَى ذَوِي شَطَطٍ | كَالطَّعنِ يَهْلِكُ فِيهِ الزَّيتُ وَالفُتُلُ |
حَتَّى يَظَلَّ عَمِيدُ القَوْمِ مَرْتَفِقاً | يَدْفَعُ بالرَّاحِ عَنْهُ نِسوَةٌ عُجُلُ |
أصَابَهُ هِنْدُوَانيٌّ، فَأقْصَدَهُ | أَوْ ذَابِلٌ مِنْ رِمَاحِ الخَطِّ مُعتَدِلُ |
كَلاَّ زَعَمْتُمْ بِأنَّا لاَ نُقَاتِلُكُمْ | إِنَّا لأَمْثَالِكُمْ يَا قَوْمَنا قُتُلُ |
نَحنُ الفَوَارِسُ يَوْمَ الحِنْوِ ضَاحِيَةً | جَنْبَيْ فُطَيمَةَ لاَ مِيلٌ وَلاَ عُزُلُ |
قَالُوا الطِّرادُ، فَقُلنَا: تِلْكَ عَادَتُنَا | أَوْ تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ |
قَدْ نَخْضِبُ العَيرَ فِي مَكنُونِ فَائِلِهِ | وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْمَاحِنَا البَطَلُ |