معلقة عبيد بن الأبرص مع الموسيقى mp3
معلقة عبيد بن الأبرص mp3 |
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلْحوبُ | فَالقُطَبِيّاتُ، فَالذَنوبُ |
فَراكِسٌ، فَثُعَالِباتٌ، | فَذاتُ فِرقَينِ، فَالقَليبُ |
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ | لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ |
وَبُدِّلَت مِن أَهلِها وُحوشاً | وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ |
أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ، | وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ |
إِمّا قَتيلٌ، وَإِمّا هالِكٌ، | وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ |
عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ | كَأَنَّ شانَيهِما شَعيبُ |
واهِيَةٌ، أَو مَعينٌ مُمعِنٌ | أَو هَضبَةٍ دونَها لُهوبُ |
أَو فَلَجٌ بِبَطنِ وادٍ | لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ |
أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ | لِلماءِ مِن تَحتِهِ سُكوبُ |
تَصبو وَأَنّى لَكَ التَصابي؟ | أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ؟ |
إِن يَكُ حُوِّلَ مِنها أَهلُها | فَلا بَديءٌ، وَلا عَجيبُ |
أَو يَكُ قَد أَقفَرَ مِنها جَوُّها | وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ |
فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌها | وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ |
وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ | وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ |
وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ | وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ |
أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ؟ | أَو غانِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ؟ |
مَن يَسأَلِ الناسَ يَحرِموهُ | وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ |
بِالله يُدرَكُ كَلُّ خَيرٍ | وَالقَولُ في بَعضِهِ تَلغيبُ |
وَاللهُ لَيسَ لَهُ شَريكٌ | عَلاَّمُ ما أَخفَتِ القُلوبُ |
أَفلِح بِما شِئتَ، فَقَد يُبلَغُ بِال | ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ |
لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ الـ | دَهرُ، وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ |
إِلاّ سَجِيّاتُ ما القُلوبِ | وَكَم يَصيرَن شانِئاً حَبيبُ |
ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها | وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ |
قَد يوصَلُ النازِحُ النائي، وَقَد | يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ |
وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ | طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ |
بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُهُ آجِنٍ | سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ |
فَريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ | لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ |
قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً | وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ |
عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها | كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ |
أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها | لا حِقَّةٌ هِي، وَلا نَيوبُ |
كَأَنَّها مِن حَميرِ عاناتٍ | جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ |
أَو شَبَبٍ يَرتَعي الرُخامَي | تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ |
فَذاكَ عَصرٌ، وَقَد أَراني | تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ |
مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً | يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ |
زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها | وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ |
كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ | تَخِرُّ في وَكرِها القُلوبُ |
بانَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً | كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ |
فَأَصبَحَت في غَداةٍ قِرَّةٍ | يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ |
فَأَبصَرَت ثَعلَباً سَريعاً، | وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ |
فَنَفَضَت ريشَها وَوَلَّت | فَذاكَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ |
فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها | وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ |
فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً | وَحَرَدَت حَردَهُ تَسيبُ |
فَدَبَّ مِن رَأيِها دَبيباً | وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ |
فَأَدرَكَتهُ، فَطَرَّحَتهُ | وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ |
فَجَدَّلَتهُ، فَطَرَّحَتهُ | فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ |
فَعاوَدَتهُ، فَرَفَّعَتهُ | فَأَرسَلَتهُ وَهوَ مَكروبُ |
يَضغو وَمُخلَبُها في دَفِّهِ | لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ |