إنشاء صميل عام 1168 م [ القرى الفلسطينية المدمرة ]



كانت القرية تنهض على تل رملي يقع في السهل الساحلي، وتحيطك به الأودية. وكانت طرق فرعية تربطها بالطريق العام بين المجدل وبيت جبرين، عند ملتقى الطرق قرب قرية عراق المنشية. كما كانت طرق أخرى، بعضها معبد وبعضها الآخر ترابي، تربط صميل بالقرى المجاورة. ويعتقد أن صميل أنشأها فرسان الهسبتارية في سنة 1168، خلال الفترة الصليبية، بغية الدفاع عن حصن آخر بني سابقاً في بيت جبرين. وكان سكانها يعتقدون أن القرية سميت باسم صموئيل (Samuel)، أحد الصليبيين الذين أسسوها. وكان اسمها أيضاً بَرَكة الخليل، لأن خراجها كان موقوفاً من قبل السلطان المملوكي برقوق (توفي سنة 1399)، على مقام خليل الرحمن في مدينة الخليل. في سنة 1596، كانت صميل قرية في ناحية غزة (لواء غزة)، وفيها 363 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل.
عندما مر العالم الأميركي إدوارد روبنسون بصميل، في أواسط القرن التاسع عشر، أشار إلى أنها قرية "كبيرة الحجم، تقع على مرتفع في السهل." ولاحظ "وجود بئر كبيرة عامة"، قطر دائرتها 11 قدماً، وعمقها 100 قدم. وقال، أيضاً، إنه كان في القرية ذاتها "قطعة من سور قديم يبدو أنه كان في الماضي جزءاً من حصن". في أواخر القرن التاسع عشر، كان لقرية صميل شكل نصف دائري. وخلال فترة الانتداب، بدأت القرية التوسع في اتجاه الجنوب الغربي. وكانت تعتمد على الفالوجة، الواقعة على بعد 6 كيلومترات إلى الجنوب الغربي، للحصول على الخدمات التجارية والطبية والإدارية. وكان سكانها من المسلمين، ولهم فيها مسجد بني على أنقاض كنيسة صليبية. وكانت منازل القرية مبنية بالطوب. وفي سنة 1936، أنشئت مدرسة في القرية بلغ عدد تلامذتها 88 تلميذاً في أواسط الأربعينات. وكان سكان القرية يتزودون مياه الاستعمال المنزلي من بئر عمقها 48 متراً، يدعونها الخليل. وكانت الزراعة البعلية وتربية الغنم عماد أنشطة القرية الاقتصادية. أما الحبوب والعنب والتين، فكانت المحاصيل الأساسية. في 1944- 1945، كان ما مجموعه 16093 دونماً مخصصاً للحبوب، و 54 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين.
سقطت صميل خلال إحدى الهجمات التي كان لواء غفعاتي يشنها جنوباً، وذلك خلال الفترة المعروفة ب "الأيام العشرة" (أي ما بين هدنتي 8 و 18 تموز - يوليو 1948). ولا يعرف على وجه التحديد متى احتلت القرية، لكن من المرجح أن تكون سقطت في المراحل المبكرة من العلمية، بين 9 و 14 تموز - يوليو. وخلال هذا الهجوم، نجحت القوات الإسرائيلية في احتلال رقعة واسعة من الأراضي الواقعة جنوبي طريق الرملة- القدس، وهجرت أكثر من 20000 شخص. وعلى الرغم من أن الروايات العسكرية الإسرائيلية اللاحقة زعمت أن السكان فروا عند تقدم الوحدات الإسرائيلية، فإن "تاريخ حرب الاستقلال" يذكر حدوث "عد عمليات تطهير" في المنطقة. وصميل هي إحدى القرى المذكورة في هذا الصدد، ومن المرجح أن يكون سكانها طردوا منها شرقاً نحو منطقة الخليل. أقيمت أربع مستعمرات على أراض كانت تابعة تقليدياً للقرية، وهي: كدما (128123) في سنة 1946، وسغولا (129120) ومنوحا (128118) ونحلا (130118) في سنة 1953. وتقع كدما بعيدة إلى الشمال من موقع القرية، أما نحلا فقريبة منها من جهة الجنوب. كذلك، فإن مستعمرتي سغولا ومنوحا، الواقعتين غرباً، هما أيضاً بالقرب منها. وأخيراً أسست مستعمرة فردون (129119) في سنة 1968، على ارض كانت تابعة لصميل.
لا تزال تشاهد بقايا حائط لعله كان بني ليحيط بالقرية. أم ما عدا ذلك، فإن نبات الخبيزة (وهو نبات بري يستخدمه الفلاحون الفلسطينيون في طعامهم) يغطي الموقع، إضافة إلى الحشائش البرية. وثمة أيضاً بعض شجيرات شوك المسيح وسياجات كثيفة من نبات الصبار؛ ولا تزال تشاهد طريق قروية قديمة، وإلى جانبها صف من نبات الصبار. وقد بني كوخ في الموقع يؤوي عائلة عربية (يعمل أفرادها على الأرجح في إحدى المستعمرات الإسرائيلية). أما الأراضي المجاورة فيستغلها المزارعون الإسرائيليون 1.
1 : وليد الخالدي وآخرون، كي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها، ترجمة حسني زينة، بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2001، ط3، ص552- 553.